تُعد شركة المساهمة من أرقى وأعقد أشكال الكيانات القانونية التي نظمها القانون الليبي، وذلك لما تتمتع به من خصائص تجعلها الأداة المثلى للمشاريع الكبرى والمبادرات الاستثمارية المؤسسية.
ويُعتبر نموذج النظام الأساسي لشركة مساهمة الوثيقة المرجعية الأساسية التي تُحدد هيكل الشركة، أسلوب إدارتها، حقوق المساهمين، وضوابط اتخاذ القرار، بما يتماشى مع أحكام قانون الشركات التجارية.
ما هو النظام الأساسي؟ ولماذا هو مهم؟
النظام الأساسي هو الوثيقة القانونية التي تُنشئ شخصية الشركة وتُحدد قواعدها الداخلية.
في حالة الشركات المساهمة، فإن هذه الوثيقة تُنظّم:
- العلاقة بين المساهمين والإدارة.
- كيفية إصدار الأسهم وتداولها.
- آليات الدعوة لاجتماعات الجمعية العمومية.
- سلطات مجلس الإدارة.
- كيفية توزيع الأرباح وتغطية الخسائر.
- حالات حل الشركة وتصفيتها.
فهو بمثابة الدستور الداخلي للشركة.
أبرز ما يتضمنه النموذج الليبي الرسمي:
- تحديد هوية الشركة: الاسم، المقر، الغرض، المدة القانونية، رأس المال وعدد الأسهم وقيمتها الاسمية.
- ملكية الأسهم وتداولها: يُنظّم النموذج طريقة إصدار الأسهم، دفع قيمتها، كيفية نقل ملكيتها، وضوابط الاكتتاب، مع الإشارة إلى أن الأسهم اسمية وليست لحاملها.
- الجمعية العمومية: تُعتبر الجمعية هي السلطة العليا في الشركة، ويحدد النظام آلية دعوتها، النصاب القانوني، التصويت، وتوزيع السلطات بين الاجتماعات الاعتيادية وغير الاعتيادية.
- مجلس الإدارة: يُشرف على إدارة الشركة ويتكوّن من 3 أعضاء على الأقل، غالبيتهم يجب أن يكونوا من الجنسية الليبية. كما يحدد النظام فترة العضوية، صلاحيات الرئيس، وطريقة اتخاذ القرار.
- لجنة المراقبة: تضمن الرقابة المالية على أداء الشركة، وتُنتخب من الجمعية العمومية، ويُشترط توافر الخبرة المحاسبية لأحد أعضائها.
- الأرباح والتوزيع: ينص النظام على تخصيص نسبة 10% من الأرباح للاحتياطي القانوني، ثم توزيع ما لا يقل عن 60% من الأرباح المتبقية على المساهمين، والباقي لمكافآت الإدارة أو الاحتياطي الاختياري.
- حل الشركة وتصفيتها: يُبيّن النظام حالات الحل (المدة، قرار الجمعية، الخسائر)، وآلية تعيين المصفي، وتوزيع الأصول المتبقية بعد سداد الالتزامات.
الخصائص القانونية لشركة المساهمة حسب النظام:
- الشخصية الاعتبارية: مستقلة عن المساهمين.
- المسؤولية المحدودة: المساهم لا يُسأل إلا في حدود قيمة أسهمه.
- قابلية التداول: الأسهم قابلة للشراء والبيع، وفقًا للقانون.
- الشفافية والحوكمة: عبر الجمعيات العمومية والتقارير الدورية.
- التمويل الجماعي: رأس المال يأتي من عدد كبير من المساهمين.
لمن هذا النوع من الشركات؟
- المؤسسات الكبرى أو المشاريع الاستثمارية المتوسطة إلى الضخمة.
- الشركات التي تتطلب مشاركة عدد كبير من المستثمرين.
- الأنشطة التي تحتاج إلى تمويل جماعي وهيكل تنظيمي دقيق، مثل المصارف، التأمين، الصناعة الثقيلة.
الالتزام بالنظام الأساسي للشركات المساهمة لا يحقق فقط الامتثال القانوني، بل يعزز من:
- الثقة بين المساهمين والإدارة.
- الشفافية في القرارات المالية والإدارية.
- استقرار الشركة على المدى الطويل.
- سهولة انتقال الملكية، وجذب المستثمرين.
هذا النموذج يمثل حجر الأساس لتكوين شركة مساهمة ذات هيكل قانوني متين ورؤية مستقبلية منظمة.